-->

التوحد المكتسب أو الخفيف عند الأطفال والكبار البالغين: هل يُشفى؟

التوحد المكتسب أو الخفيف عند الأطفال والكبار البالغين هل يُشفى

التوحد المكتسب أو الخفيف عند الأطفال والكبار البالغين: هل يُشفى؟

بـقلم: د. بيان عاصي

اعتقاد خاطئ أم رفض للواقع؟
يعتقد الكثير من النّاس بأن التوحد خاص فقط بالأطفال، لكن أعراضه قد تتجاوز الطفل لتصل إلى الكبير أو البالغ.
في الواقع يرتبط مرض التوحد بالأطفال الصغار بشكل أساسي، ولكن يمكن أن تظهر أعراضه لدى الكبار إذا لم يتم اكتشافه في سن مبكرة. يسعى بعض البالغين إلى تشخيص التوحد لديهم حينما يتضح أنهم يعانون منه، ويمكن أن تكون أعراض التوحد خفيفة إلى حد ما.

هل التوحد يصيب الكبار؟ وهل يُشفى؟

فيما كان التركيز في الماضي على أنَّ التوحد يصيب الأطفال فقط، أثبتت الدراسات الحديثة أنه يمكن أن يصيب البالغين أيضاً بدرجات مختلفة، وسواء كان التوحد مكتسبا أم خفيفا، يضع الباحثون بين أعينهم السؤال التالي: هل التوحد/المكتسب/الخفيف عند الاطفال/الكبار/البالغين يمكن أن يشفى؟

هل يشفى التوحد لدى الاطفال؟

دعونا نقف عند الأطفال الذين يعانون من التوحد بنوعيه المكتسب والخفيف، فقد تبيّن أنهم يستطيعون الاستجابة لبعض تقنيات التعلّم، حيث تنطبع في أدمغتهم، وذلك من خلال تدريبهم على المشاركة في الحياة اليومية.
وهنا يأتي دور الأسرة في تنمية السلوكيات عند الطفل المصاب بالتوحد، من خلال المشاركة المكثفة معه والقيام ببعض الأعمال الروتينية اليومية، كـتنظيف الأسنان والمساعدة في إعداد الطعام والرسم. الحل يكمن في اتباع هذا البرنامج عبر التدخل في سلوكيات الطفل المتوحد، وخاصّةً إذا كان عمر الطفل يتراوح بين السنة والنصف إلى الثلاث سنوات. سوف تنطبع في دماغ الطفل ليستطيع أن يحفظ كل ما يتدرب عليه.

هل التدخل المبكر يساعد على شفاء طفل التوحد؟

التدخل والتعليم المبكر على بعض المهارات، يعمل بشكل إيجابي في إظهار ردود فعل طبيعية على وجه الطفل المصاب بالتوحد، وهذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير، ودعم أسري مكثف، ويمكن ألا تتحسن حالة الطفل إلا بعد أعوام، ولكنه الحل الأنجح والأمثل في تطوير سلوكيات الطفل المصاب بالتوحد سواء من الناحية التعليمية، أو على صعيد العلاقات الاجتماعية.

وماذا عن الكبار المصابين بالتوحد؟

بالنسبة للكبار على اختلاف درجات التوحد المكتسب أو الخفيف، فإنّ العلاج لا يزال قيد البحث والتطوير، وعادةً يعتمد الاختصاصيون بعد تشخيص المرض على السلوكيات التي يقوم بها كل مريض على حدة، ويعودون بذكرياته إلى أيام الطفولة ليتم تشخيص الحالة بشكل أدق.

لكن ما يبعث على الاطمئنان والتفاؤل، أنه ما من داء نزل إلا وكان له دواء، وكل ما يحتاج إليه مريض التوحد البالغ هو فقط في أن يغيّر من أنماط حياته وسلوكياته. وقد يتأتى هذا فعلا عبر انخراطه في نشاطات بسيطة، تؤدي به إلى الخروج من حالة العزلة إذا طالت، لمساعدته في تحسين التواصل انطلاقا من المشاعر والأفكار، وتحريك الشعور بالعالم الخارجي، والتحدث باستمرار وذلك ما يدعم العلاج بالنطق.

كيف يُشفى الكبار المصابون بالتوحد؟

يتم ذلك من خلال تكاثف جهود المقربين أكثر من تدخل الطبيب، فالبالغ المصاب بالتوحد قد يعاني من تحديات خاصة بعمله، ويكون الحل لذلك في مواجهة هذه التحديات، حيث يمكن تأمين مكان عمل يوفر له الدعم ليتجاوز مشكلة الابتعاد عن المجتمع، وإخراجه من العزلة، وتجنب الاختلاط مع الآخرين.

أهم شيء في حال عدم التجاوب السريع هو الصبر وعدم التعجل، لأنّ ما يضمره البالغ المصاب بالتوحد من شعور بحالة عزلة داخلية - وأحياناً تصل لدرجة ظهور مشاعر خوف وقلق مع التفكير الطويل ورفض تناول الطعام - ما هو إلاّ من ضغوطات خارجية أو ذكريات من الطفولة.

لذلك بـتكاتف الجهود والصبر في هذا الطريق من العلاج يصل المريض إلى حالة سلام داخلي.