-->

التوحديون ذوو صعوبات التعلم

التوحديون ذوو صعوبات التعلم

كتبه: د. بيان عاصي

التوحديون ذوو صعوبات التعلم

ينتاب كثيراً من الآباء والأمهات القلقُ والتوتر عند اكتشاف أنّ طفلهم مصاب بالتوحد. ولأنهم يتوجهون في تعليمه وتربيته تربيةً خاصة مميزة، لأن متطلباته خاصة جدا ومتعلقة به، فقد يحتاجون جهدا استثنائياً، لأنّه سيكون عملاً إضافيا مُضنيا، خاصّةً بعد إدراك الوالدين أنّ الطفل المصاب بالتوحد سـيعاني من صعوبات في التعلم.

لكن هل التوحديون ذوو صعوبات التعلم؟

على الأرجح هذه الفكرة صحيحة، لكن علينا أن نركز أولاً على مفهوم صعوبات التعلم وعلاقته بالتوحد لدى الأطفال.
بشكل عام، تتحدد صعوبات التعلم من خلال العناصر التالية: القصور في التفكير، الكتابة، التهجئة، الكلام، العمليات الحسابية، القصور الإدراكي، عسر القراءة، بحيث لا يعود هذا القصور لسبب عضوي أو ذهني، أو لإعاقة في القدرة السمعية أو البصرية أو الحركية أو الانفعالية، ولا تعود إلى مشكلة مدرسية تتعلق بالمعلم او المدرسة.

وفي الغالب تتجلى مظاهر صعوبات التعلم لدى الأطفال بشكل عام من خلال تأخر النطق، اضطرابات في التحدث والاستماع، معاناة في التذكر والفهم، وضعف التركيز، بحيث تضعف قدرة الطفل على الاستفادة من المعلومات، إضافةً لصعوبات في القراءة والكتابة والحساب.

ماهي صعوبات التعلم التي تواجه التوحديين؟

كما يمكن أن يُلاحظ لدى الطفل التوحدي الذي يعاني من صعوبات التعلم تعثراً كبيرا في الحفظ، ومعاناة في شرح أو سرد القصص مع تأخر في مسك القلم، والبطء في إنجاز أي مهمة مطلوبة منه.

هذا من ناحية الدراسة، لكن أيضاً من الناحية الاجتماعية، يمكن أن يُلاحَظ عليه النشاطُ المفرطُ أو الخمولُ الزائد، وحركة مفرطة أثناء النوم، مع اضطراب في السلوك، وضعف التعامل مع الآخرين وغيرها من المظاهر الأخرى.
كذلك مظاهر وأعراض سلوكية أخرى لدى الأطفال المصابين بالتوحد، مثل عدم تفاعل الطفل مع جميع أفراد العائلة، وأن لا يظهر التودد للآخرين. كما أن الطفل المصاب بالتوحد لا يسمح لأي من الأشخاص الأطفال أو الكبار التقرّب منه واللعب معه، ويعاني من قلة مهارة في كسب الكثير من الأصدقاء.

كيف يتم علاج صعوبات التعلم لدى التوحديين؟

تختلف طريقة علاج صعوبات التعلم لدى التوحديين بسبب طبيعة التوحد، حيث تختلف الأعراض، وتخف أو تحد من طفل لآخر، نظراً للاختلاف الطبيعي بين كل طفل وآخر، فإنه ليست هناك طريقة معينة بذاتها تصلح للتخفيف من أعراض التوحد في كل الحالات.
بعد تحديد درجة التوحد من قبل الاختصاصيين بدايةً، يمكن أن نحدد أفضل طرق تعزيز التعلم، فأولاً يعطي التشخيص المبكر لحالة الطفل نتائجَ أسرعَ في التعلّم، كما يجب عدم تفرقة الطفل المصاب بالتوحد عن أخوته أو العكس، حتى لا يشعر بأنّه مختلف أو يعاني من شيء.

ما هو دور الوالدين والأسرة والمجتمع في علاج صعوبات التعلم لدى التوحديين؟

لا بد من تحسين أساليب التربية عند الأسرة بهدف تنمية المهارات الاجتماعية عند الأطفال. وأهم ما يميز الوالدين هنا التحلي بالصبر والتفهم التام للمشكلة وعدم المسارعة في العلاج الدوائي. مرة أخرى تجدر الإشارة إلى أنّ الطفل المصاب بالتوحد لا يتم تفريقه عن اخوته حتى يبقى منخرطاً فاعلا مشاركاً في المجتمع، لا منعزلاً عنه.

إن التواصل والتفاعل الاجتماعي الجيدين مع الآخرين وتعاونهم يبعد الطفل المصاب بالتوحد عن العزلة، ويجعله ينخرط بشكل أسرع مع المجتمع والبيئة المحيطة، مع التركيز والانتباه كثيراً للتعامل الجيد، والحذر من وقوع أي أخطاء حتى لا تنشأ ردة فعل عكسية لدى الطفل المصاب بالتوحد. فلابد مثلا من عدم الصرّاخ حال إن واجه الطفل صعوبة في التعلم، فإنّ الصوت المرتفع والصراخ لن يجدي في تلك الحالة بل يزيد من الأمر سوءاً.